أننا لا نشعر بقيمة الجمال في حياتنا إلا حين يغيب عنا ، فنحن نعيش السعادة والصحة والراحة والأمن والهناء كما لو أنها مسلمات حتمية في حياتنا، ونظل نتعامل معها بلا تقدير أو إعزاز أو امتنان، حتى إذا ما فقدنا شيئا منها أدركنا جمالها وشعرنا بما كنا فيه من النعيم ، وصار ما نفتقده منها هو محور اهتمامنا و ننشغل به عن كل شيء سواه .
ان جوانب الجمال في حياتنا كثيرة، لكنها ليست مسلمات ، هي نعم من الخالق، ننعم بها يوما و نفقدها يوما ، وحين نفقدها قد تعود وقد لا تعود ، أي يكون فقدنا لها أبديا ، ولكن كم منا الذين يقدرون ما هم فيه من النعم ؟ فالناس غالبا ما يتذكرون ما ينقصهم ولا يتذكرون ما عندهم .
ان الحياة هي الحياة ، تبدو لنا جميلة احيانا وقبيحة احيانا أخرى، ليس لأنها تبدل أثوابها او تتخلى عن زينتها، وإنما لأننا نحن الذين تتقلب بنا نفوسنا ، فنرضى مرة ونسخط أخرى و بين الرضا والسخط، تنعكس تلك المشاعر على مظهر الحياة في عيوننا فنراها جميلة أو قبيحة وفق ما في داخلنا من المشاعر.
عندما نكون سعداء يعترينا شعور بجمال الحياة، وكلما زادت درجة سعادتنا و رضانا زاد مقدار شعورنا بذلك الجمال ، و العكس صحيح فعندما نكون محبطين فاننا نلوم الحياة على قبحها وبشاعتها.
فنحن دائما ما نظلم الحياة فنتهمها بالقبح تاره و بالجمال تارة اخرى رغم ان الحياة صافيه و شفافه لا لون لها ، وإنما هي تستمد لونها من داخل صدورنا ، فدعونا لا نضيع وقتنا في البكاء على ما ضاع من بين ايدينا و نستغله في الاستمتاع بما هو بين ايدينا و امام عيوننا و داخل قلوبنا ...
عـ ـمـ ـر